قال: التقدير: من يقال لهم: أيهم فحذف القول كقولهم: وكانت عقيل خامري أم عامر فيحمله على الحكاية دون " لَنَنْزِعَنَّ " على تعليق العلم عند الكوفيين.
و يجوز أن يكون تقديره: لننزعن كل شيعة.
وكذلك يجوز عندهم: لننزعنهم متشايعين ننظر أيهم أشد.
ومن إضمار الجملة قوله تعالى: " فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين أن أرسل معنا بني إسرائيل قال: ألم نربك " أي: فأتياه وقالا له: أرسل معنا بني إسرائيل.
أي: ويعقوب وقال عثمان: في قوله تعالى: " فمن عفى له من أخيه شئ " يجوز أن يرتفع " شئ " ب " عفي " أو بفعل محذوف يدل عليه قوله " عُفي " لأن معناه: ترك له شئ من أخيه أي من حق أخيه ثم حذف المضاف وقدم الظرف الذي هو صفة للنكرة عليها فانتصب على الحال في الموضعين منها.
وهذه الآية تجاذبها باب الجملة وباب الإضافة وباب حذف حرف الجر وباب الحال وستراها هناك إن شاء الله وحده.
ومن ذلك قوله تعالى: " كتب عليكم الصيام.
أياماً معدودات " تقديره: صوموا أياماً معدودات فحذف صوموا لأن قوله: " كتب عليكم الصيام " يدل عليه.
ولا ينتصب ب " الصيام " لأن الصيام مصدر فلا يفصل بينه وبين أيام بالكاف المنصوبة ب " كتب " لأن التقدير: كتب عليكم الصيام كتابة مثل كتابته على الذين من قبلكم.
قال أبو علي في قوله تعالى: " بوالديه إحساناً: في سورة الأحقاف في قراءة الكوفيين إحساناً منصوب بمضمر يدل عليه ما قبله وهو قوله " ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً " كأنه لما قال: " أخذنا ميثاق بني إسرائيل " قال: وقلنا لهم أحسنوا بالوالدين إحساناً.
والتقدير أنه لما قال: " " class="postlink" target="_blank" rel="nofollow">ووصينا الإنسان " وكان هذا الكلام قولا صار كأنه: وقلنا: أحسن أيها الإنسان بالوالدين إحسانا.
ووجه من قرأ في الأحقاف: " " class="postlink" target="_blank" rel="nofollow">بوالديه حسناً " أن يكون أراد بالحسن الإحسان فحذف المصدر ورده إلى الأصل كما قال الشاعر: فإن يبرأ فلم أنفث عليه وإن يهلك فذلك كان قدري أي: تقديري.
ويجوز أن يكون وضع الاسم موضع المصدر كما قال: والباء في هذين الوجهين متعلقة بالفعل المضمر كما تعلقت به في قول الكوفيين في قراءتهم إحساناً.
ومن إضمار الجملة قراءة ابن كثير في قوله تعالى: " أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم " بالاستفهام على تقدير: بأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم تعترفون أو تقرون فأضمر لأن قوله: " ولا تؤمنوا " يدل عليه.
كما قال: " آلآن وقد عصيت قبل " والتقدير: الآن آمنت فأضمر آمنت لجرى ذكره في قوله " آمنت ".
ودل عليه قوله تعالى: " فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به " ولا يكون " لما " الثانية بجوابها جواب " لما " الأولى لأنا لا نعلم " لما " في موضع لما أجيب بالفاء كذا ذكره الفارسي.
فإذن نجئ بقول فلما رأيت الخيل زورا كأنها جداول زرع خليت فاسبطرت فجاشت إلى النفس أول مرة فردت على مكروهها فاستقرت فأجاب لما بقوله فجاشت.
فاعرف أيها الناظر كيفية صلاة الخوف ثم انظر في الآية يلح لك إيماؤنا إلى ما أومأنا إليه.
قال أبو حنيفة: إذا اشتد الخوف جعل الإمام الناس طائفتين في وجه العدو وطائفة خلفه فصلى بهذه الطائفة ركعة وسجدتين فإذا رفع رأسه من السجدة الثانية مضت هذه الطائفة إلى وجه العدو وجاءت تلك الطائفة.
فصلى بهم ركعة وسجدتين وتشهد وسلم ولم يسلم القوم وذهبوا إلى وجه العدو وجاءت طائفة أخرى فصلوا وحدانا ركعة وسجدتين بغير قراءة وتشهد ومضوا إلى وجه العدو وجاءت طائفة أخرى فصلوا ركعة وسجدتين بقراءة وتشهد وسلموا.
فإذا عرفت هذا فقوله تعالى: " فلتقم طائفة منهم معك " فمعناه: فلتصل طائفة منهم لم يصلوا معك أي: فلتقم طائفة بركعة فحذف.
ثم قال: " وليأخذوا أسلحتهم " أي: الذين انصرفوا إلى تجاه العدو ولم يصلوا معك وليأخذوا أسلحتهم.
ثم قال: " فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم " يعني الطائفة التي صلت تقوم بإزاء العدو حين فرغت من ركعة عقيب السجدة لأن الفاء للتعقيب.
فلا يجوز: إذا سجدت الثانية أن تقف لتتم الركعة الأولى فتضم إليها الركعة الثانية لأن الفاء يبطل معناها إذ ذاك فوجب أن يكونوا من وراء عقيب السجدة بإزاء العدو ولا تقف للركعة الباقية ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك ركعة فحذف المفعول.
ولم يقل: فلتنصرف الأولى وتؤدى الركعة بغير قراءة وتسلم.
فحذف هذه الجملة وحذف المفعول من قوله " فليصلوا معك " وحذف الجار والمجرور من قوله " فلتقم طائفة منهم معك " وأضمر في قوله " وليأخذوا أسلحتهم " غير الطائفة المأمورين بالقيام معه.
فلا ينصرف الضمير من قوله " وليأخذوا " إلى الظاهر قبله وإنما التقدير: وليأخذ باقيهم أسلحتهم فحذف المضاف فاتصل المنفصل.
ولما أضمر غير المقدم ذكرهم رجع إلى ذكرهم في قوله " فإذا سجدوا " فخالف بين الضميرين اللذين أحدهما بعد صاحبه.
فلا يمكنك إنكاره بقولك: لم خالفت بينهما ولم تجعل قوله " وليأخذوا " راجعاً إلى الطائفة التي أمرت بالقيام معه حتى تأخذ السلاح معه في الصلاة لأن اختلاف الضميرين قد جاء في التنزيل.